الترابط الأسري…. والتحليق خارج السرب!!
الترابط الأسري…. والتحليق خارج السرب!! عندما يحتاج أحدنا إلى الاسترخاء والنقاهة والراحة في جو بعيد عن الصخب الذي يعيش به وضوضاء العصر، فإنك تراه يجلس في مقهىً شعبياً، أو في أحد الأسواق القديمة، أو تراه يتجول في مناطقه الأثرية وكأنه يحن إلى الماضي والذكريات التي كانت ترافق طفولته وصباه، وحين تسأله عن سبب تواجده في تلك الأماكن، يقول أريد أن أتذكر والدي عندما كان يصطحبني وأخوتي إلى تلك الأماكن، ووالدتي التي كنت أرافقها إلى سوق الحميدية، وجدي الذي كان يأخذني إلى الجامع الأموي، وخالي وعمي… إلى ما هنالك من ماضٍ عاشه ذلك الشخص، بلحظات تملؤها العفوية والصدق واللحمة الأسرية، ليجد نفسه عندما أهرمته السنين، بأنه أصبح ضائعاً بعيداً عن تلك الأجواء التي عاشها بشكل مثير!! فأين جاره الذي كان لا يغادر منزلهم؟ وأين الجلسات الأدبية والثقافية التي كان والده يديرها؟ وأين تلكم النساء التي كانت تفوح منهن رائحة الحنان والعطف والطيبة عندما تجتمعن في منزلهم؟!! لماذا عندما يعرض مسلسل “باب الحارة” على سبيل المثال، لا تجد شخصاً يتجول في شارع؟ هل لأنه قصة وفقط؟ أم لأنه يحمل في طيات حلقاته مواقف الحارة المترابطة المليئة بالشجاعة والحب وصلة الرحم والتي افتقدناها فجأة لنضع السبب في الظروف والمشاغل؟! أسباب التفكك الأسري البعد عن الدين من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى التفكك الأسري حسب قول الدكتور “سالم”: حيث يؤكد أن “كافة الأديان تطالب بصلة الرحم وزيارة المريض والمشاركة في الأفراح والأتراح إلى ما هنالك من تقاليد عربية سامية تربينا عليها وكل ذلك من أجل الترابط والتماسك وحسن العلاقات الاجتماعية بين الأهل والعائلات بشكل عام”. ويضيف: “لقد أكدت الكتب السماوية جميعها هذا الموضوع واعتبرت التقصير به شرك بالله عز وجل وألزمت العباد عدم الابتعاد عن العائلة مهما كانت مشاغلهم وظروفهم وأسفارهم كثيرة حيث طالبتهم بالتواصل ولو حتى باتصال بسيط”. دور الأم هو الأساس في ترابط الأسرة أما السيدة “سهاد” التي تعمل “مرشدة تربوية”، فهي تؤكد على دور الأهل في هذه المسألة، لأن كلاهما أساس المنزل وقدوته، فعندما يشعر الأبناء بحنان الأهل وتفهمهم ومشاركتهم تفاصيل حياتهم، فإن هذا سينعكس على تعامل الأبناء مع أولادهم في المستقبل، وقد أشارت الإحصائيات إلى أن الوالدين هما أساس هذا الترابط، من خلال وفاقهم المشترك أولاً، والتوافق مع أولادهم ثانياً، فالعائلات المليئة بالمشاكل والظروف الصعبة يخرج أبنائها بعيدين كل البعد عن الوئام، وتراهم في مجالس السوء وأماكن السهر وما شابه”. كما أن “للأم” بشكل خاص دور مهم في هذا المجال وكما يقولون “الأم بتلم” هذا المثل الشعبي القديم يحمل في مضامينه الكثير من الحكم والقيم الجوهرية، وهذا ما نلاحظه بوضوح في العائلات التي تلعب فيها الأم دوراً بارزاً في لمّ شمل الأسرة”. وتضيف السيدة “سهاد” أن الكثير من الحالات النفسية التي تعالجها فيما يخص تفكك الأسرة، يكون سببها غياب “الأم” عن المنزل، بسبب طلاق، أو لأن “الأم” متوفاة، حيث تبدو الأسرة بعيدة عن اللحمة والتواصل. حنان الأم هو الذي يجمع العائلة، مهما كانت انشغالات الأبناء في الحياة كثيرة أو الوقت ضيق، الأم هي الرمز المقدس، ولا نبالغ إذا قلنا أنها نبع الحنان، نور في الطريق، حضن الأمان، والحب الحقيقي والأبدي الذي لا يضاهيه أي حب”. زمن العولمة والمال وهناك من يقدم سبباً إضافياً إلى ما تم ذكره من أسباب ألا وهو “الفقر”، حيث يستشهد السيد “أبو أحمد” بقول الإمام علي كرم الله وجهه عندما قال :”لو كان الفقر رجلاً لقتلته”، فالفقر يسبب التفكك الأسري خاصة في هذا الزمن، زمن المال والعولمة، فعندما يتسلط ذلك الوحش على أسرة، نراها مشرّدة لا تقدر حتى أن تجابه ظروفها الداخلية من مرض وعجز وطعام، حيث يضطر الأهل أو حتى الأبناء إلى البحث عن أي عمل ولساعات طويلة حتى لو كان المقابل المادي بسيطاً لكي يستطيعون العيش ومجاراة غلاء المعيشة قدر الإمكان فتكون الفترة التي يعودون فيها للمنزل مخصصة للنوم والراحة من جراء هذا العمل المتعب أو الطويل الذي يرتبط بالسفر أحياناً والتغيب عن المنزل لأيام كل هذه العوامل تفقد الروابط الأسرية قيمتها وتباعد بين الأفراد فيتحول المنزل إلى فندق للراحة ليس أكثر دون أي تواصل” وتحدثنا “هلا” سيدة منزل عن رأيها قائلة: “الانحطاط الأخلاقي هو السبب فمن لديه أخلاق يستطيع أن يصنع المعجزات من مبادئه وضميره وما يمليه عليه عقله، ومن يخلو فكره من تلكم المبادئ، فإنك تراه في الملاهي الليلية وأماكن اللهو، ويملك في داخله إنساناً متوحشاً، لا يحب أن يعاشره أحد لا من أهله ولا من أقاربه وهذا الانحطاط يعود للتربية الخاطئة من الأساس فمن تربى على شيء لا يستطيع تغيير سلوكه إلا بصعوبة وإرادة بالغة”. وبرأي “أماني” أن سبب التفكك الأسري يعود “لتكلّف العلاقات بين الأشخاص، فقد أصبحت النظرة المادية والمصلحة تغلب في تحديد القريب والأقرب، وربما السبب يعود لاختلاف المفاهيم الأخلاقية ومتطلبات الحياة، فاليوم إذا كان لك مصلحة مع فلان أصبح الصديق والحبيب والقريب وإذا لم يكن لديك مصلحة معه لا تجد وقتاً للسلام عليه حتى لو كان أخاك”. رأي مختص الباحثة الاجتماعية “أمل شمدين آغا” والتي تعمل في “السويد” بمجال الرعاية الاجتماعية والإنسانية والأسرة، تقول:” إن المجتمع الغربي بالرغم من كل ما يشاع حوله من أقاويل، إنما يملك نوعاً معيناً من أنواع التراحم العائلي، فتراه دائماً يحن إلى أسرته ويتمنى لو باستطاعته البقاء معها فترة أطول، إنما العادة التي سرت على العائلات هناك، أن ينفصل الشاب عن عائلته عندما يبلغ سن معينة ويشق طريقه معتمداً على نفسه”. وتضيف الباحثة: “نحن الشرقيون عاداتنا جميلة وتقاليدنا مميزة، وحبذا لو تنفذ بالشكل المطلوب، خاصة في الغربة، كم يشعر الشخص بأنه فاقد لروحه ولنفسه في عالم لا يعرف بعضه بعضاً، وكم يشعر بالحنين للخبز العربي وأغاني أم كلثوم والدار القديمة ورائحة النانرج والياسمين، وكم يتمنى أن يسير في الشوارع كي يغطي ذلك الحنين المنقطع الذي يعيشه كل لحظة..! وأخيراً… لا نجد كلاماً يختم تحقيقنا هذا سوى ما قاله الشاعر “حافظ إبراهيم”، والذي يجسد في الأبيات القائلة: ليس اليتيم من انتهى أبواه من همّ الحياة وخلفاه ذليلا إن اليتيم هو الذي تلقى له أماً تخلت…أو أباً مشغولا!! أسرة التحرير “العلاج بالطاقة”.. “التأمل” .. ممارسات جسدية روحية.. بين قناعات البعض ورفض البعض الآخر لها ما زال مصطلح “العلاج بالطاقة” أو ما يسمى “التأمل”، مفهوماً مبهماً عند الكثير من الناس، حيث لم يتمكن العديد من الأشخاص أن يجيبوا عن الأسئلة الموجهة إليهم في هذا التحقيق لعدم وجود صورة واضحة عندهم عن “علم الطاقة”، بينما وجدنا شريحة أخرى من المجتمع تغوص في التفاصيل الدقيقة لهذا العلم، في رغبة قوية لاتباع تعاليمه وقواعده المرهقة أحياناً، والسبب وجود قناعة كاملة لديهم بقدرته على شفاء الكثير من الأمراض النفسية والجسدية، وفي محاولة من البعض الآخر لدخول هذا
الترابط الأسري…. والتحليق خارج السرب!! Read More »






