نصيحة-من-أحلام-مستغانمي-إلى-كل-النساء

نصيحة من أحلام مستغانمي إلى كل النساء

نصيحة من “أحلام مستغانمي” إلى كل النساء

“أحبيه كما لم تحب امرأة وانسيه كما ينسى الرجال”
نسيانCom. كتاب ساخر، موجع، جارح، وأحياناً مبهج، تسعى صاحبته جاهدة لنجدة نساء قابعات في معتقل “غوانتنامو” الحب.
هذا الكتاب ليس رواية بل هو مجموعة من النصائح أو لنقل رسائل بيضاء، وممكن اعتباره “تعويذة” للنسيان، وحبل خلاص افتراضي لكل المكبّلين في ذاكرتهم المذبوحين من غدر الأحبة لصاحبة الترياق “أحلام مستغانمي” التي تبدأ كتابها بكلمات على الغلاف : “يحظر بيعه للرجال” وكأن كتابها مخصص للرجال ليمعنوا النظر والتفكير في خرائط الخراب التي تحفرها “حوافرهم” في قلوب نساء عشقنهن حتى العظام، فجعلوهن حطاماً.
تهدي “مستغمانمي” كتابها إلى: “النساء اللواتي عقدن قرانهن على الانتظار وإلى الرجال الذين بمجيئهم تتغير الأقدار”. وكأنها تسخر من النساء اللواتي بقين أوفياء لذاكرتهن ولماضيهن العشقي، وبلغن حد الموت ألماً على رجل تخلى عنهن دون أي كلمة ودون أي سبب، لتقول هو الغباء بعينه، ففي هذه الجملة تحتج “مستغانمي” على اختفاء الرجولة، لأن اختفاءها قد ألحق أضراراً لناموس الكون كله “ما الاحتباس الحراري إلا احتجاج الكرة الأرضية على عدم وجود رجال يغارون على أنوثتها”.
هؤلاء النساء اللواتي يخلصن لغياب الرجل أكثر من حضوره وكأن الكتاب محاولة لفتح النوافذ لتشرق شمس النسيان على جراح تنزف بصمت وتقتل صاحبتها، دون أن يلحظ الرجل ذلك.
هذا الكتاب عبارة عن نسيان يواجه إمبريالية الذاكرة والعدوان العاطفي للماضي، لتؤكد لنا “مستغانمي” أن الخلاص في النسيان وأن الذاكرة شقاء، فهي تعلن ثورتها على الماضي بكل موبقاته وويلاته وخيباته العاطفية، وكأنها تمارس بالكلمات غربلة الذاكرة العصية على النسيان: “انشقوا عن أحزانكم وطوائفكم وجنسياتكم ومكاسبكم وانخرطوا في حزب جميعنا متساوون فيه أمام الفقدان”.
نسيان على ورق
في الكتاب نقرأ عن نساء كثيرات ممن ثخنت حناجرهن وأودعن دموعهن في دواة محبرة “مستغانمي” لتخط رسائل للنسيان، فهل يوجد أعمق من شخص يمنحك نسيان على ورق من منا لا ينوء تحت إثم ذاكرته؟ من منا لم يفكر يوماً في اغتيال ذاكرته عند أول حب سقط من قلبه!؟ ها هي تسرد الكثير من قصص الحب التي يكون الجنون هو الخيط الواصل فيما بينها، وتسعى إلى الإطاحة بـ”شهريار” المعشش في الرؤوس، وبنصيحتها “انسيه كما ينسى الرجال” هي تدعو المرأة للتحلي ببعض مواصفات الرجل، وكأن النسيان سمة “رجالية” لا بد من اكتسابها والامتياز بها.
إذاً الكاتبة تضع هدف واحد للنساء، وهو كيف تتعلم النساء النسيان دون ألم، وكيف يرتبن بعناية فائقة خزائن الذاكرة وإتلاف الذكريات غير المرغوب فيها، لتذيب صقيع القلوب وتزهر ورود الروح، بالتحريض على امتلاك الشجاعة والجرأة لأن يبدأن بداية جديدة مخالفة لكل البدايات التي عشنها.
حمقاء مَنْ تنتظر حبيبها الخائن!!
تقول “مستغانمي”: “قضيت عمراً في انتشال الحمقاوات من قصص الحب المغرقة”، ولا تكاد تخلو صفحات الكتاب من الاستشهادات التي يعج بها، حيث رددت الكاتبة أسماء كثيرة لكتاب وشعراء وفلاسفة لقبت جميعها في مضامين الحب، ومعظم هذه الشهادات تدور في فلك النسيان، لتدعم بها الكاتبة آرائها ووصاياها بلغة ساخرة، فالكاتبة تصف من تنتظر حبيبها الخائن بالحمقاء: ” أيتها الحمقاء.. الحياة تنتظرك وأنت تنتظريه” فالرجال ينسون بحق لأنهم يريدون النسيان بحثاً عن علاقة جديدة، وعندما تواجه المرأة ألم الفراق تبحث عن وصفة سحرية أو “خلطة فوزية” لمراوغة الألم والحزن الذي يتركه رحيل من كان يحتل قلبها لتشعر باستبداد الذاكرة ولتحاول التخلص من حفريات رواسب الماضي.
مجموعة دراسات في مفهوم النسيان
نسيانCom. كتاب ساخر ومستفز عن سبق إصرار، متطرف في انحيازه للمرأة، يصف بكثير من الذاتية معاناتها وآلامها، هو ليس مجرد كتاب بل مجموعة من الدراسات في مفهوم النسيان كي تنسى المرأة رجلاً عاش بداخلها فخذلها، فهو دعوة لكل امرأة تبحث عن النسيان في لغة سهلة جداً وبسيطة وخالية من التعقيد، وكأن الكتاب قد أحدث ثورة غير مسبوقة في النسيان لإيماننا بأن رفع الظلم عن المرأة العربية لن يكون إلا بتخليصها من إثم ذاكرتها المفعمة بالخيبات، تحتفظ بها وكأنها إرث في حياتها، تلك النصائح تنقذ ما يمكن إنقاذه من الصباحات قبل أن يبتلعها ظلام ليل لن تشرق شمس بعده، ولتنتزع العاشقات الموهومات خدر هذا الوهم الجميل في أسلوب يتشعب فيه جراح الوطن ببضعة كلمات فقط ، ويحاكي الإنسانية المحبطة، فلماذا تطاردين وهم العواطف وكيف نتعاطف مع جلادنا دون أن نعود إلى جحيمه، وكيف ننجو من جحيمه، بعد كل حب يجب أن نخرج أحياء أقوياء وربما سعداء
ما النسيان سوى قلب صفحة من كتاب العمر
النسيان يبحث عن امرأة تثق بنفسها لا تنساق خلف غشاوة الحب، لا تنجرف مع تياراته، النسيان يبحث عن امرأة قوية العزيمة: “بسرعة استعيدي عافيتك تذكري أن حباً يتغذى شره من خيرك وسمه من صبرك ليس حباً إنه حالة مرضية”.
وهي تنهي كتابها بتكرار تلك الكلمات: “أيتها العاشقات، الساذجات، الطيبات، الغبيات، ضعن هذا القول نصب أعينكن:
ويل لخل لم ير في خله عدواً
ليشهد الأدب أنني بلغت

 

تلخيص: فاديا ناصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *