سونيا غاندي: الإيطالية التي تتزعم حزب المؤتمر في الهند

سونيا غاندي: الإيطالية التي تتزعم حزب المؤتمر في الهند

سونيا غاندي: الإيطالية التي تتزعم حزب المؤتمر في الهند

تعد “سونيا غاندي” الرئيس الثامن لحزب المؤتمر، وأول رئيس غير هندي لهذا الحزب، ولدت “سونيا” في “تورنتو” في “إيطاليا” عام “1946”، وكانت فتاة تتسم بالذكاء وتهوى العمل الشاق، وكان والدها “ستيفانو” شديد العناية بابنته، وقد نشأت في جو من التربية والتعليم الصارم، وعندما نالت  الثانوية العامة سافرت إلى بريطانيا لتدرس اللغات في جامعة “كامبريدج”، والتقت “راجيف غاندي” ابن رئيسة وزراء الهند “أنديرا غاندي” الذي كان يدرس الهندسة، ونشأت علاقة حب بينهما تكللت بالزواج عام “1968”.
انتقلت سونيا للعيش مع زوجها في الهند، كانت جنسيتها الإيطالية تمثل عائقاً لها لخوض المعركة السياسية، إلا أنها باتت فيما بعد أهم أطراف اللعبة السياسية في الهند.

“راجيف غاندي” لا تستهويه الحياة السياسية!!
لقد انتزعت “سونيا غاندي” إعجاب الهنود بمحاولتها الجريئة في البرلمان وذلك بزجر رئيس الوزراء “اتال بيهاري”، مما أدى إلى حجب الثقة عنه في أواخر شهر آب الماضي، وهذا التصرف عزز زعامتها لحزب المؤتمر والذي هو أقدم حركة سياسية في الهند والذي سيطرت عليه سلالة “نهرو- غاندي”، وكانت ترغب في تسلم زعامة البلاد والوصول إلى أعلى المناصب، والمعروف أن سلالة “نهرو- غاندي” تسيطر على الحياة السياسية في الهند منذ الاستقلال عن بريطانيا في العام “1947”، وقد ترأس “جواهر لال نهرو”، أول رئيس وزراء للهند الحكومة طيلة “17” عاماً، وقدم رؤياه الاشتراكية للبلاد.  بعد سنتين من وفاة “نهرو” عام “1964” أصبحت ابنته ” أنديرا غاندي” رئيسة للوزراء، وقادت البلاد خلال العقدين الماضيين، واغتيلت بأيدي حراسها الشخصيين في عام “1984”، فانتقل الحكم إلى ابنها “راجيف غاندي” مرغما،ً وكان طياراً مدنياً آنذاك، ولم تكن تستهويه دائرة الضوء السياسي.
وكتعبير عن تعاطف الشعب مع “راجيف” لمصرع والدته اختاره الهنود في الانتخابات بأغلبية الأصوات، إلا أن المحاولات التي قام بها لتحريك الاقتصاد الهندي الراكد وتقليص البيروقراطية تعرقلت وآلت إلى الفشل.
اغتيل “راجيف غاندي” عام “1991” بتفجير انتحاري، وهزم حزب المؤتمر بوجود أحد أفراد السلالة في دفة الزعامة وهي “سونيا” زوجة “راجيف غاندي”، لكن “سونيا غاندي” لم تستسلم وظلت مصرة على ألا تضع دفة حزب المؤتمر في أيدي الغرباء ووافقت على أن تصبح رئيسة للحزب عام “1998”، وقد فاز حزب “جاناتا” بعد ثماني سنوات بزعامة “فاجباي” المنحدر من الأصولية الهندوسية على حزب المؤتمر في الانتخابات العامة، ومع هذا بقيت “سونيا غاندي” تدير دفة حزب “المؤتمر” وقد حافظ على شعبيته وقوته في انتخابات الولايات.

فوز حزب المؤتمر برئاسة “سونيا غاندي”
لم يكن طريق “سونيا غاندي” السياسي مفروشاً بالورود، فقد عانت الصعوبات، ووجدت الكثير من العوائق وخاصة اللغة الهندية، ومع أنها كانت تجيد خمس لغات وهي “الإنكليزية والإسبانية والفرنسية والروسية” بالإضافة إلى الإيطالية “لغتها الأم” لكنها تعلمت الهندية وأجادتها بشكل جيد.
لقد جاهدت “سونيا غاندي” لتتواءم مع مفاعيل الحياة السياسية الهندية، وقد سعت لأن تكون في منأى عن الحوارات السياسية والأحاديث لوسائل الإعلام، و ظلت محط إعجاب الجماهير في الهند، حيث ينظر إليها الشعب الهندي باعتبارها أرملة شجاعة، وهذا الأمر انعكس برمته على صناديق الاقتراع.
في عام “1999” فازت “سونيا غاندي” بأغلبية المقاعد في البرلمان الهندي ولم يكن هناك حليف قادر على تقديم الدعم لحزب المؤتمر ليمكنها من الاستحواذ على السلطة الأمر الذي مكّن حزب “بها راتيا جاناتا” من استلام السلطة في نهاية الأمر.
وبعد فترة من الزمن نجحت “سونيا غاندي” في صياغة إستراتيجية مكنت حزب المؤتمر من الفوز بالانتخابات، واستعادت السلطة لعائلة “غاندي”، وقد ركزت من خلال تصريحاتها على اهتمام الحزب بدفع عملية السلام مع “باكستان”، واتهمت منافسيها بمحاولة “ادعاء” الاهتمام بهذه القضية.

المبادئ التي اشتغلت عليها:
كانت “سونيا غاندي” صاحبة فكرة التركيز على الريف الهندي الذي لا يزال يعاني الفقر والعوز بينما تخطو المناطق الحضرية نحو التحديث والتطوير، وهو ما جعلها تقوم بالعديد من الجولات الانتخابية في المناطق الريفية، فاجتذبت تأييد قسم كبير من الهنود في هذه المناطق.
وقد سعت “سونيا غاندي” إلى نزع فتيل الأزمة المتعلقة بالسلطة لكونها إيطالية من خلال التصريحات المتكررة لوسائل الإعلام الهندية، والتي أكدت فيها أنها لا تشعر بكونها أجنبية بل إنها هندية قلباً وقالباً.
ومازالت “سونيا غاندي” تدفع ابنها “راؤول” وابنتها “بريانكا” غاندي إلى حلبة السياسة لتبين للعالم أن عائلة “غاندي” قد وجدت في هذه الحياة لتدعم حزب المؤتمر الذي تترأسه. والذي يحظى بدعم المنتمين إلى ديانات الأقلية في الهند، وقد سعت إلى طمأنة “الهندوس” الذين يشكلون “80%” من المواطنين الهنود إلى أن حزبها لا يشكل عليهم خطراً، وترى “سونيا غاندي” أن الهند يجب أن تبقى دولة علمانية، موضحة أن مفهومها للدولة العلمانية يتمثل في كون الهند تضم كافة الأديان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *