الفنانة

الفنانة التشكيلية أسماء فيومي …

الفنانة التشكيلية أسماء فيومي:
أؤمن بالفن الذي يتدفق من الداخل ليظهر فجأة وبشكل تلقائي

دانيا جانو

يصوغ الفنان اللوحات بإحساسه العميق، ويترك التباس بين التأثير والاستفهام، وكلمة السر هنا لفض هذا الالتباس هي الإبداع. بتلك الألوان التي أحالت واقعاً جامداً إلى جمالي جديد عبر منظور الفنانة أسماء فيومي.

بداية، نسألك عن فنك الراقي المختلف شكلاً وفلسفةًً وثقافةً، من أين تستمد الفنانة أسماء مواضيعها؟
أستمد مواضيعي من المخزون الداخلي لدي والذي وجد وتراكم نتيجة الأحداث والأمور التي تجري حولي، فأنا ألاحظ ما يحدث حولي وأختزن هذه الملاحظات والأحداث في داخلي لتختمر وتظهر بهذا الشكل.

هل هناك عناصر ظاهرية أو داخلية قد أثرت بك فألهمتك الكتابة بالريشة كنقطة بداية؟
في صغري كنت مهتمةً بكتابة الشعر، ثم اتجهت إلى التعبير بالريشة والألوان، ورغم أني لست سياسية ولكني أتأثر بالهواجس الإنسانية، هواجس الوطن والأم. فأي مشهد لا إنساني يدخل في ضميري الداخلي والوجداني لأعبر عنه وأجسده  في لوحة ما.

لوحاتك تتميز بخلق جديد ينتمي إلى صاحبته، فاللوحات غنية بالألوان والمواضيع، لأي مدرسة تنتمي الفنانة أسماء ؟
أنا لا أؤمن بالمدارس الفنية، “كالانطباعية والتجريدية والتكعيبية وغيرها… “، بل أؤمن بالفن الذي يتدفق من الداخل ليظهر فجأة وبشكل تلقائي ويعبر عن الفكرة حسب منظور صاحبها، وهو ما يقال عنه تعبيري، فكل إنسان يعبر بطريقته الخاصة، وأنا لديّ تعبير خاص لا يشبه تعبير الآخرين، وهو ضمن مفاهيم حديثة ومتجددة ومعاصرة وليست مفاهيم كلاسيكية أو قديمة.

نلاحظ اللون الأحمر طاغي في لوحاتك فما سر اهتمامك بهذا اللون؟
الأحمر لون عاطفي وهو يعبر عن الانفعال الداخلي، كما أنه لون متناقض، فهو لون النار والورد، وأنا أحب الاثنين. لأن لدي هذا التناقض في حياتي،”الأبيض والأسود”، “أقصى اليمين وأقصى اليسار”، والأحمر لون جميل إذا وضع ضمن مجموعة لونية مناسبة بشكل يتفاعل معها بعيداً عن الفجاجة والجمود.

هل تفضلين شرح لوحاتك للسائل، أم تدعي السائل يفسر بالطريقة التي يشعر بها؟
أنا لا أفضل الشرح. لأن الرسم هو لغتي، فأنا أعبر عن الكلام بالرسم والألوان، وأحب أن يشاركني المتفرج بآرائه وشعوره تجاه اللوحة لأنه عندما يلاحظ شيئاً جديداً فهو يضيف لمعلوماتي فكرة جديدة، فمن الجميل أن أرسم مدينة ويراها شخص آخر صخرة ففي هذا تعددية ورؤى جديدة.

تقيمين معرضك في “غاليري أيام” هل اختلفت الموازين عندك ووجدت الفرق بين الماضي والحاضر؟ هل ساعدت تلك الصالات الفنان؟
هذه الصالات ساعدتنا بشكل كبير، فهي أولاً: وفرت لنا المكان الجميل والمناسب لعرض اللوحات، وثانياً: أعطتنا الوقت الكافي، فمنذ خمسة أسابيع وأنا أعرض في “غاليري أيام”، كما اهتمت بالإضاءة الجميلة التي تبرز جمال اللوحة وتعطيها حقها وأنا أتكلم هنا من الناحية التقنية، إضافة إلى أن التعامل في منتهى الاحترام والرقي.

ما أهم المعارض التي شاركت بها؟
أهم معرض هو معرض” الرؤى المتبادلة بين مركز العالم العربي بباريس وبين سوريا”، وكان  في المتحف الوطني بدمشق. أما في الماضي فقد قمت بمعارض شخصية عديدة ومهمة في معظم دول العالم.

بمن تأثرت الفنانة أسماء، ومن له الفضل بوصولك لهذا النجاح؟
تأثرت بالكثير من الأشخاص، فأنا بطبعي مثل “الإسفنجة” أتأثر بكل من حولي، كما تأثرت بالعديد من الفنانين الذين أحترمهم وأقدرهم لأنهم أعطوني الثقة والدعم في مسيرتي الفنية، أما الفضل فيعود لأسرتي بالدرجة الأولى التي دعمتني و احترمت موهبتي ورغبتي في دخول الكلية التي أفضلها، وزوجي الذي دعمني ووقف بجانبي، وأيضاً أولادي.

هل تجدين فرقاً بالرسم بين الأجيال المتعاقبة؟ أم ترين أن هناك إبداع جديد مواز للقديم؟ أم تستحيل المقارنة؟
تستحيل المقارنة بين الأجيال، فالتكنولوجيا المتاحة اليوم من “إنترنت، كمبيوتر، اتصالات” وأيضاً سهولة السفر، إضافة لوجود منظمات تساعد الشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة للإبداع، كل ذلك أعطى الجيل الجديد فرص الاطلاع والمتابعة بشكل أكبر بكثير من جيلنا حيث كان كل اعتمادنا على الكتب والقراءات والجهد الشخصي، والمحظوظ منا يسافر مرة أو مرتين، وأنا لا أحسد هذا الجيل الصاعد بل على العكس أفرح لأجلهم لأنهم سيحملون لواء الفن أفضل منا بكثير.

هل فعلاً ترين أن الشباب سيحملون لواء الفن بشكل أفضل رغم الأفكار الجديدة والنظرة المادية التي بدأت تنتشر في عصرنا؟
أنا لا ألوم الشباب في هذا، لأن هذه المبادئ والأفكار المادية الطاغية على كل شيء قدمت وفرضت عليه من الخارج، ورغم ذلك يوجد شباب مبدعون وموهوبون لا ينظرون إلى المادة بقدر اهتمامهم بفنهم وإبداعهم، فالفنان يبقى في داخله فنان إذا كان حقيقي.

كونك ربة أسرة وأم لطفلين هل سبب ذلك عائقاً أمام مسيرتك الفنية؟
في مرحلة ما عندما كان أولادي أطفالاً ابتعدت عن المجتمع، فلم يكن لدي الوقت لعرض لوحاتي ومتابعة كل جديد، ولكن هذا لم يبعدني عن الرسم، فهاجس الرسم بقي يلازمني طوال حياتي. وكان أطفالي يرسمون معي، وكنت أستمد أفكاري منهم فكنت أرسم كل حركة وكل فعل يقومون به خطوة بخطوة، وعندما كبروا أكثر بدؤوا يستوعبون ما حولهم ويدعمونني بشكل كبير، فكانت علاقتي معهم مبنية على الحب والتفاهم لذلك كانوا متعة وعوناً بالنسبة لي وليسوا هماً.

في فترة من حياتك عملت بالتلفزيون كيف كانت هذه الفترة؟
بعد تخرجي عملت مباشرة بالتلفزيون، وكانت فترة جميلة جداً في حياتي، فأنا أحب السينما والدراما وأستمتع عندما أصمم “ديكور” لمسلسل أو برنامج ما وخاصة المسلسلات التاريخية، فهي تتيح فرصة التخيل والإبداع في الديكور، فكنت أرسم المشاهد كما أتخيلها، إضافة إلى أن هذا يضيف لثقافتي، والفنان يجب أن يكون مثقفاً ولكن عندما يرسم ينسى الثقافة وينسى كل شيء.

ما رأيك بالنهضة التشكيلية الحاصلة في سوريا؟
برأي المشهد التشكيلي السوري رائع، وهو من أهم المشاهد الآن ليس فقط في العالم العربي بل في العالم ككل.

كلمة أخيرة للمجلة؟
هي من المجلات الجميلة والمتنوعة وأكثر ما يميزها مواضيعها الثقافية وأتمنى لها التوفيق والاستمرار.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *