كليب

كليب ممسوس

فضائيات

كليب ممسوس

حرب واحدة لا نجد لها تفسيراً هي حرب “الفيديو كليب”، هذه الحرب الضروس أبطالها صبايا وشباب هذا العصر، فقد أصبنا “بانهيار عصبي” بعدما شاهدنا “كليب” لمطرب تخرّج حديثاً من برنامج “للمسابقات الغنائية”، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا لا يجلبون معهم في “كاست” التمثيل أطباء نفسيين لتحليل ظروف ومعاناة هؤلاء في أغانيهم المصورة، فمطرب الأغنية كان في حالة تبكي عليها الشجر والحجر قبل البشر بهيئة ملابسه وشعره وسلوكه وكمية الدماء النازفة على حلبة المصارعة وتصرفاته الغير طبيعية وهو يضرب حبيبته بوحشية وهي بماكياجها وشعرها تبدو “كالجنية” ثم يقيدها بالسلاسل، ولا ندري من أي معتقل جاء بها، ثم يظهر ممزق الثياب وبلا أكمام وكأنه من “أطفال الشوارع” مفخخاً بالأساور والأطواق والاكسسورات وبحالة سكر مرعبة، ثم يهوج ويموج ويكسّر الدنيا حتى اعتقدنا أن جنياً قد لبسه وأصبح ممسوساً أو مكتوب له “سحر أسود”، دون أن ندري لماذا يلجؤون لرفع مستوى الشاب الصايع الضايع في الحياة أمام المعجبات والجيل الصاعد، ليختموا الكليب بنصيحة من مخرج العمل: ألا يقود الشباب سياراتهم وهم سكارى حتى لا يخسروا حياتهم، وكيف انبثقت تلك النصيحة والمطرب من أول العمل إلى آخره يحمل الكأس في يد والمايكريفون في اليد الأخرى، وكأن المخرج أراد أن يقول لا بأس أن “تشربوا” في أي مكان وزمان لكن احذروا من قيادة سياراتكم “اجلبوا” سائق!!
إللي اختشوا ماتوا

في كليب إحدى الأغاني عمد المخرج وبسهولة لإظهار المغنية في كامل عريها وبمشاهد مخلة بالآداب بمضمون مباشر ورخيص قائم على توظيف غريزي للمغنية المشهورة بحركاتها الإيحائية، فهي تظهر شبه عارية، وهي صاحبة الدعوة لأكبر عدد ممكن من الشباب العديمي النخوة ليحمموها وينشفوها ويدلكوها وهكذا… ونحن نتساءل لماذا يضعون “كرافيته” على صدورهم العارية لربما جاء أحد الأشخاص الأجانب فيكونوا جاهزين لاستقباله الرسمي!
لم يجد مخرج الكليب صعوبة في تصوير المغنية بالطول وبالعرض، وبحركات تشعر المشاهد أنه أمام ملهى “لفتاة ليل” وذلك بالتركيز على جميع التفاصيل في “كليب” عاف حياته من الابتذال والرخص، وبصوت لا يتمتع بالنشاذ فقط إنما بالقباحة والإزعاج بسبب خامة الصوت ورخص الأداء في ” فاترينات” العرب الفضائية لسلع يومية مطروحة للبيع و”إللي اختشوا ماتوا”.
مين “بوبي” ؟!

لأن صناعة الإعلان أصبحت اليوم سقوط وليست هدف، فنحن لا نستغرب إذا وجدنا أنفسنا محاصرين تحت رحمة حملة فضائية تكشر عن أنيابها بأفلام سوقية أبطالها “تهامي باشا” الذي تفوح من عينيه رائحة الإنحراف، و”الغريزة” ومن بقايا أسنانه الحشيش والخمر، ومساعده الحمل الوديع “وديع” لينضم إلى ذلك الكرنفال الفاسد الريس “حمزاوي” بمشيته البيروقراطية بدور قاضي الحاجات لصاحب الفضائية بالإضافة لبعض الدجاجات كسكرتيرة المدير العام ومئات النسخ من “بوبي” أو “جوليا”، حريصين على إظهار أجزءاً كبيرة من مفاتنهن وبمنتهى الإسفاف والابتذال، نشاهد حوار يدور بين قزم من أقزام الفضائية وبين “جوليا – بوبي” مهمته التدنيس لمعاني الأم وقدسيتها وهي تقول له: “يا روح ماما” لتستمر حملة الإسفاف والابتذال باستعراض أجساد الفتيات والملاهي المتنقلة. بعدما أطلقوا رصاصات الرحمة على دور الإعلام وعلى ترويج مثل تلك الفضائيات في زمن أصبح الكبار ينساقون خلف أرجل الصغار.

 

فاديا ناصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *